قصيدة "أنا يوسف يا أبي" دراسة أسلوبية
الكلمات المفتاحية:
قصيدةالملخص
عاش محمود درويش معاناة شعبه من تشريد وتهويد ونفي وتنكيل وسياسة التجهيل، وقد كان لذلك أثر في تشكيل شخصيته الشعرية وبلورة ابداعه. إنّ درويش بذكائه الفطري، يعلم مدى حضور قصة يوسف في الذاكرة الإنسانية، لما تختزنه من بلاغة في الموضوع وإنسانية تحاكي الوجدان وتشعل الخاطر؛ فكانت قصيدة "أنا يوسف يا أبي" تأخذ أبعادها بكلّ المقاييس لتكون خطابًا إنسانيًا كما هي القضية الفلسطينية. تحوّل إخوة العرب إلى الأعداء ويتحوّل الرأي العالمي الغربي إلى الذئب أمّا الأب يعقوب فقد يتحوّل إلى بعض الأنظمة العربية المتبنية للقضية الفلسطينية. وقد حاول الشاعر إلى الكشف عن الصورة الخادعة والمظلة للعدو الّذي لبس ثياب الإخوة عبر استخدام الظواهر الأسلوبية منها:في المستوى الإيقاعي هناك تناسب بين الإيقاع الداخلي ومضمون القصيدة، حيث اعتمد الشاعر على الظواهر اللغوية في تشكيل موسيقاه الداخلية، أبرزها هي تكرار الحروف والألفاظ. كما والموسيقى الخارجية منسجمة مع الموسيقى الداخلية في القصيدة ملائمة مع الأطروحة المنشودة حيث تشير التفعيلات السريعة إلى ظلم إخوة يوسف، والتفعيلات البطيئة تعبّر عن براءة يوسف. وفي المستوى التركيبي اعتمد الشاعر على غير أسلوبٍ من الأساليب اللغوية في بناء قصيدته وبيان ما في باله، حيث وظّف الحيل الفنيّة من مثل ترديد الجمل الخبرية والإنشائية، السلبية والإيجابية، وكذلك اختيار الألفاظ والحروف كلّها تؤكّد مضمون القصيدة وقصدية درويش الشعرية. أمّا المستوى التصويري، فقد حظيت الصورة بعناية الشاعر الخاصة؛ حيث عمد في القصيدة إلى توظيف وسائل تصويرية مختلفة من الاستعارة والكناية في بناء صوره المفردة والمركبة. وقد رسم درويش صورة كليّة لشخصية يوسف الّذي بدا رمزًا لبراءة الفلسطين، وقد جاءت صورته الكليّة تشتمل على عدد من الصور الجزئية المتلاحقة وتؤكّد انتمائه لوطنه وقضيته الفلسطينية. فقد حرص الشاعر على تأكيد الفكرة الّتي قدّمها منذ بداية القصيدة من خلال تشكيل الصور تستمدّ معالمها من بيئة عربية وواقعها. إذًا قصيدة "أنا يوسف يا أبي" وما تحمله هذه القصيدة، من ربط تاريخي يجمع الماضي بكلّ مكوّناته، ليرسم صورة معاناة هذا الشعب وهذه القضية بإبداع يصعب على غير الشاعر إحضاره في القصيدة.