أصولُ ومطالبُ الإصلاحِ في القرآنِ الكريمِ ومحوريتهُ في النَّهضةِ الحسينيةِ الشريفة

المؤلفون

  • محمد رضا مطر الشريفي

الكلمات المفتاحية:

أصولُ ومطالبُ الإصلاحِ في القرآنِ الكريمِ ومحوريتهُ في النَّهضةِ الحسينيةِ الشريفة

الملخص

الحمد لله الذي يسّر لي سُبل البحث وأعانني على بيان الارتباط الوثيق بين معارف القرآن الكريم ونهضة الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين a وآمل أن تكون النتائج التي خلص إليها بحثي مفيدة في توسيع آفاق فهمنا لتلك النهضة المباركة، وفي دفع الباحثين باتجاه التأصيل العلمي لمفاهيمها ودلالاتها من كتاب الله الكريم، ومن خلال صفحات هذا البحث تبيّنت الحقائق الآتية: 1 - يحتل الإصلاح مكانةُ مركزية مرموقة في القرآن الكريم، ظهرت من خلال عناية القرآن بمفهوم الصلاح والإصلاح، فقد ورد لفظ (الصلاح) باشتقاقاته المختلفة في (178) موضعا منه، وقد رحبُت ميادين الإصلاح في القرآن الكريم، فشملت إصلاح الفرد لشئونه الخاصة في عقيدته وعباداته ومعاملاته وأخلاقه وإصلاحه في أهله وأفراد أسرته، وإصلاحه بين الناس في السياسة والاجتماع، فهو شامل لأمر الدين والدين معا. 2 - حدّد الإسلام صفات المصلح وشروطه، وأهمها؛ سلامةُ نيته وقصدُ قربته إلى اللهِ تعالى وحسنُ توّكله عليه في عمله الإصلاحي، وأوجب علمَ المصلح ودرايته بمطالب الشريعة وحقائق الأمور، كما اشترط سريان الصلاح من ذات المصلح إلى غيره وعدم اكتفائه بصلاح ذاته وأموره الشخصية. وميّز نوعين من أنواع الإصلاح ومرتبتين من مراتبه، هما؛ الإصلاح السلبي (الهدمي) الذي يتوجه نحو العمل أو النظام الفاسد لهدمه ونقضه وتغييره، ويبدأ بكراهية المنكر واستنكاره ثم السعي لإزالته، وكذلك عدم الدخول في مشروع الفساد وولايته. والنوع الثاني هو الإصلاح الإيجابي (البنائي) الذي يتم بطريقتين هما: الإصلاح بالمثل الأعلى (القدوة الحسنة)، والإصلاح بقوة القانون وقهر السلطة.3 - تلّمس البحث منابع السمة الإصلاحية في شخصية الإمام الحسين a فوجد إنها سمة أصيلة فيه، ولم تكن شعارا مرحليا يعبّر عن ردّة فعل آنية لرجل ضاق ذرعا بالوضع الجائر!! بل جاءت تعبيرا عن خصائص شخصيته الفريدة التي بُنيت من رافدين رئيسين هما؛ طهارة أصله وسمو تربيته، ووعيه التأريخي العميق لوجود الأمة ومشاكلها السياسية والاجتماعية والذي تشكل من مواكبته لمراحل مفصلية في التأريخ الاجتماعي والسياسي للإسلام، فتلك الخصائص الشخصية وذلك الوعي كانا هما الدافع الرئيس في تبنى الإمام الحسين -a - لمشروع الإصلاح، بعدما أيقن إن التأخر في النهضة كان يعني القضاء المبرم على مشروع الرسالة المحمدية المجيدة وطموحها الخلّاق في بناء المجتمع الفاضل و دولة العدالة. فلا شك إن الملايين من أبناء الأمة في وقت نهوض الحسين-a - كانت تتعرض لنفس الظروف التي تعرض لها أبو عبد الله وربما أقسى، لكنه الوحيد الذي انبرى من بين تلك الجموع الغفيرة ليقول كلمةً آثر غيره ابتلاعها أو مداراتها بسبب حساسية الإمام الحسين المفرطة لكل ما هو منحرف4 - كانت مطالب الإصلاح في النهضة الحسينية الشريفة شاملة، فالإمام الحسين a طلب الإصلاح بصفقة واحدة لم تستهدف جانبا دون آخر من جوانب الحياة، بل استهدفت إصلاحا شاملا لجميع نواحيها، فحركته المخلصة لم تقتصر على الجانب الديني والروحي والأخلاقي فحسب، بل شملت كل ما له علاقة بحياة الناس في السياسة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية لجميع المكونات والأفراد، بعدما تمادت السلطة الأموية الغاشمة في تحريف الدين و الإستيلاء على تلك الحقوق وتسخير سلطتها لتفتيت المجتمع والعودة به إلى الروح الجاهلية والقبلية التي جاء الإسلام لمحاربتها والقضاء عليها، وقد بدأ الحسين a الإعداد لنهضته مع تولي معاوية بن أبي سفيان الحكم، ببيان إنحرافه وطغيانه للناس من خلال المؤتمرات العامة التي كان يعقدها الحسين ومنها مؤتمر منى سنة 58هـ.5 - كانت محاولة الحسين a أول انتفاضة مسلحة ضد طغيان الأقلية الحاكمة التي استأثرت بالخلافة وحولتها إلى ملك وراثي عضوض، كما إنها لم تستهدف النظام فحسب، بل كانت ثورة على الأوضاع الطبقية والقبلية التي أخذت تتحكم في المجتمع وتنخر في نسيجه، وقد شحنت ثورة الحسين الفكر السياسي في الإسلام بمادة جديدة من التحدي الصعب والانتصار على الذات من أجل المبدأ، كما ألهمت ثورة الحسين الكثير من حركات التحرر في العالم الإسلامي عبر القرون، بل إن إلهام الحسين a كان حاضرا في فكر جميع الأحرار في العالم عبر التأريخ.

التنزيلات

منشور

2017-10-24