الطـلاق إشكـالية مجتـمع ذكـوري أم ثقافـة تقليـدية دراسـة ثقـافية للأسـباب والمحـددات

المؤلفون

  • نصير محسن عبد الحسين المرزا

الكلمات المفتاحية:

الطـلاق إشكـالية مجتـمع ذكـوري أم ثقافـة تقليـدية دراسـة ثقـافية للأسـباب والمحـددات

الملخص

اعتاد الباحثون وصف العائلة العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص: أنها تقليدية وممتدة Extended وأبوية patrilocal وبأنها تنزع نحو تفضيل الزواج بين الأقارب Endogamous وتتسمح بتعدد الزوجات.وتذهب هذه الدراسة إضافة إلى ذلك ان العائلة العراقية أبوية بالفعل من حيث تتمركز السلطة والمسؤوليات والامتيازات ومن حيث الانتساب، وهرمية لا يزال التميز فيها قائما إلى حد بعيد، وممتدة مع نزوع واضح نحو النووية والقبلية في الوقت ذاته، كما يتضح من استمرارية الالتزامات الواسعة، ثم ان هنالك خصائص أخرى لا تقل أهمية تتصل بأمور الأحوال الشخصية المتعلقة بالزواج والطلاق ولإرث، وبنوعية علاقة العائلة بالمجتمع وبمؤسساته الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.- أبوية العائلة العراقية: تتميز العائلة العراقية بأنها بنية بطريكية (ذكورية)، يحتل فيها الأب رأس الهرم، ويكون تقسيم العمل وتوزيع الأدوار على أساس الجنس والعمر، لا يزال الأب، ألا في حالات نادرة، هو الذي يتولى دور المنتج المعيل، المالك السيد، ويكون بقية إفراد العائلة عيالاً علية، يشغل الأب مركز السلطة والمسؤولية في عالم مزدوج (العالم العام للرجال يكافحون في سبيل تامين الرزق، وعالم خاص داخل البيت حيث تمارس النساء مهمات منزلية شديدة التنوع من أنجاب وطهي وتنشئة أطفال، وكما جرى تضييق المشاركة للمرأة في العالم العام، اعتبر تقليديا من العيب على الرجال ان يمكثوا في عالم البيت الخاص مطولاَ. وهي أول البوادر لنشأة ظاهرة الطلاق. - بنية السلطة في العائلة العراقية: يتوقع الأب التقليدي من إفراد عائلته الطاعة والامتثال لمشيئته والتجاوب مع رغباته وتعليماته من دون تساؤل، ويحرص على إلا يسمح لإفراد عائلته بمناقشته والتدخل في شؤون حياته في نسق من علاقات القوة المتميزة يملي عليهم من فوق إلى أسفل أوامر وإرشاداته وتعليماته وتهديداته، ويكون عليهم ان يستجيبوا باحترام وطاعة عمياء.- النظرية الدونية للمرأة: تكاد الأبحاث المختصة بدارسات المرأة تتفق نهائيا على أنها تحتل في الأسرة العراقية موقعا دونها في البنية الاجتماعية القديمة منها والمعاصرة.إلى هذه النقطة بالتحديد لم يكن لدينا أي من المشاكل التي تحتاج إلى دراسة معمقة، لان المجتمع التقليدي يخلق بالعادة أسرة تقليدية، وتؤدي الأخيرة نفس الوظيفية عندما تذهب من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية التي تمارسها في تاريخ الإفراد إلى إنتاج وإعادة إنتاج نفسها من خلال إفراد (ذكور - أنوثة) تقليدية هي الأخرى.- الأسرة والجماعات التقليدية: مازالت الأسرة العراقية إلى لان خاضعة في قراراتها الحاسمة خاضعة بشكل مباشر وغير مباشر لسلطة الجماعة المرجعية و فمنظومة القيم والمعاير التي تنظم وفقها العلاقات الأسرية مازالت في جوهرها تقليدية. والنظرة إلى الزواج بوصفة نظاما تقليديا او شانا عائلياً ومجتمعياً أكثر منه شأنا فردياً، اعتادت العائلة على ترتيبه متجاوزة سعادة الفرد (وبخاصة المرأة) في ضوء مصالحها وطموحاتها ومفاهيمها.المشكلة التي استجدت في مجال الاجتماع العائلي هي التحولات الكبيرة التي تعرض ويتعرض إليها المجتمع بوصفة بناءً هرمياً للسلطة بكل تجلياتها يقف على قمته على قمته الرجل وتحمل المرآة على عاتقها كاهل القاعدة السلطوية. إذ اعتبر الكثير من الباحثين(1) أن التحولات في تقاليد الزواج ومفاهيمه خلال القرن العشرين تضاهي التحولات التي حدثت منذ ظهور الإسلام حتى نهاية القرن التاسع عشر، ويضيف آخرون أنه قد نجم عن ذلك أن التفاوت بين الاعتبارات الرسمية والنظرية في ما يتعلق بغايات الزواج، من جهة، وما هي عليه في الواقع، من جهة أخرى، يفوق بدرجات التفاوت بين حاضر الزواج وماضية. فالعلاقات التقليدية داخل الأسرة العراقية بين الكبار والصغار والفروق بين البنين والبنات تتعرض في الوقت الحاضر إلى تغييرات هيكلية وتنظيمية، وهو واضح وجلي ان النظام الأبوي يتعرض لتحولات أساسية بسبب من التغيرات البنيوية في واقع المجتمع، وفي قيام العائلة النووية، وارتفاع المستوى التعليمي للفتيات وتزايد مشاركة المرأة في العمل والإنتاج الاقتصادي خارج البيت وغيرها من التغييرات الكبيرة.لكن ومع كل هذه التغيرات التي يصفها البعض من المختصين بشؤون الأنظمة البطريكية في المجتمع العربي(2) بأنها تغييرات مشوهة "فالنظام الأبوي الاستبدادي لا تقتصر على العائلة بل يتعداها إلى المجتمع ككل، إذ (وكما نوهنا قبل قليل) إذ أن السمات الأساسية لهذا النوع من المجتمع سيطرة مطلقة للأب على العائلة ومحوريته ومركزيته هي التي تنظم العائلة حوله وتبقى العلاقة بين الأب وأبناءه وبين الحاكم والمحكوم، علاقة هرمية فإرادة الأب في كل الإطارين هي الإرادة المطلقة "ويتم التعبير عنها، في العائلة والمجتمع، بنوع من الإجماع ألقسري الصامت المبنى على الطاعة والقمع"(3) مما يبقى في ذهنية السلطة الاجتماعية أن تحافظ على خطاب قيمي وثقافي يسوغ استبدادية الرجل للمرأة، ويؤكد هواجس الحماية المفرطة للأولاد مع الكثير من التحيز في المعاملة بحسب العمر والجنس واختلاف أنماط المعيشة التي ينجم عنها أن يلجا الفرد إلى محاولة تجاوز عجزه باللجوء إلى الخضوع أو التهرب بدلا من التمرد والمواجهة في حل مشكلات مع مراكز السلطة في المنزل والمدرسة والجامعة ومؤسسات العمل انتهاءً بالدولة.من هنا يبدو امرا طبيعياً أن تتفاقم مشكلات الزواج هذه حين يعاني المجتمع من أزمات حادة. وعلى سبيل المثال انه بعد مرور ثماني سنوات من الحروب مع إيران، ومن ثم حرب الخليج الثانية مع الكويت (هذه المرة) وثماني سنوات على الحصار الذي ضرب العراق، تم تدمير المجتمع بالكامل، والنساء هن الأكثر تضررا. بحيث لم يعد هنالك فرص للعمل، وبالتالي لم يعد بإمكان الرجال الزواج، ومع إننا لا نمتلك إحصائيات رسمية حول معدلات الزواج، ولكن إحدى الصحف قدرت أن70% من العراقيين بين 18-40 سنة من العمر الغير متزوجين.

التنزيلات

منشور

2023-04-26