أثر الممارسات السياسية للأحزاب العراقية في مسار العملية السياسية بعد عام 2003م

المؤلفون

  • بلقيس محمد جواد
  • كاظم مهدي كاظم

الكلمات المفتاحية:

أثر الممارسات السياسية للأحزاب العراقية في مسار العملية السياسية بعد عام 2003م

الملخص

في عصر الدولة الحديثة تكون الأحزاب الجهة الأكثر تأهيلا لإدارة الصراع السلمي على السلطة، وكان الهدف من دراستنا هذه الإجابة عن السؤال الرئيسي للبحث والمتعلق بمدى إمكانية الأحزاب العراقية من السير بالعملية السياسية بعد عام 2003 باتجاه اقامة مؤسسات ديمقراطية حقيقية تكون قاعدة لإقامة نظام للتداول السلمي للسلطة يسترشد بالقيم الديمقراطية، وكان منهجنا في الوصول الى الجواب الاعتماد على تقييم الممارسات السياسية لهذه الأحزاب.لقد لاحظ البحث إن تمتع السياسيين بثقافة تتعارض مع الفكر الديمقراطي التي تقف ورائها الخلفيات العقائدية والايديولوجية لأحزابهم من أولى المعضلات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف، وقد تحمل الشعب العراقي كل عوامل التراجع التي عانت منها العملية السياسية مدفوعا برغبته في اعطاء الفرصة كاملة للأحزاب السياسية لإصلاح الوضع السياسي ووضعها الداخلي، إلا ان السياسيين لم يلقوا بالا إلى هذه التضحيات وراهنوا على استغلال مراكزهم الدينية والاجتماعية واللعب على العوامل الطائفية والاثنية في تقوية مراكزهم، مما دفع الشعب للخروج في مظاهرات احتجاجية انطلقت شرارتها في محافظة البصرة في تموز من سنة 2015 لتمتد إلى بقية انحاء العراق.لقد كان تعامل الحكومة المحلية مع هذه المظاهرات تعبيرا صادقا عن ضعف ثقافتها الديمقراطية، فكان ان تصدت لها بالقوة فتسببت في قتل احد المتظاهرين، ولم يختلف سلوك الحكومة المركزية عنها عندما وقفت صامتة وكأن الأمر لا يعنيها، ولم تتحرك للاستجابة إلى مطالب المظاهرات إلا بعد ان تدخلت المرجعية الدينية من خلال خطب الجمعة لمساندة مطالب المتظاهرين، لتصدر بعد يومين من الخطبة حزمة الاصلاحات التي قالت عنها انها استجابة لنداء المرجعية، وكان هذا الموقف يمثل تعبيرا عن نوعية الفكر الذي يسترشد به هؤلاء السياسيين الذي تتقدم فيه عندهم الارادة الدينية على الارادة الشعبية.وليتضح منها إنها كانت اصلاحات شكلية لم تعطي أي اسقاطات على واقع البلد بل استمر الانحدار في مختلف جوانب الحياة، وعليه فان على السياسيين والباحثين إعادة التفكير في وضع حلول طويلة الامد تعمل على تغيير نمط تفكير الشعب وقادته واللجوء إلى تنفيذ اجراءات قصرية تُشرع بقوانين للتسريع بعملية الاصلاح في بنية العملية السياسية، وقد خرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات التي نأمل ان تساهم في تكريس هذه الاصلاحات وهي:1- تشريع قوانين تمنع البقاء في المنصب لأكثر من مدة محددة تتناسب مع ضرورات كل منصب يشمل جميع مناصب الدولة عسكرية أو مدنية نزولا إلى الوحدة الوظيفية الصغيرة التي تتألف من بضع اشخاص التي يجب ان تكون مسؤوليتها بالتناوب بين اعضائها، ان مثل هذا الاجراء سيوفر لنا الضمانات الآتية: إعلان الحرب على المحاصصة الحزبية من اصغر وحدة وظيفية مما يلغي التمايز الحزبي بين اعضاء هذه الوحدة في الفوز بالمكسب الوظيفي. تحسين نوعية الانتاج بتغليب الروح الوطنية على الانانية، والغاء تأثير الأحزاب والمتنفذين على صاحب القرار، إذ ان تدوير المسؤولية والمنصب وتحديد مدته يجعل قرار المسؤول غير خاضع لإرادة القوى المتنفذة، كونه لا يعود يرجو مساعدتهم في بقائه في منصبه.2- تعديل المادة 76 من الدستور التي تنص على "يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً" وذلك باستبدال كلمة مرشح بكلمة رئيس فتكون (يكلف رئيس الجمهورية، رئيس الكتلة النيابية الأكثر عدداً) وذلك لتجاوز عقدة تسمية المرشح من الكتلة الأكبر عددا التي رافقت الدورات البرلمانية الثلاث الماضية، ثم للحيلولة دون وجود ولاية لرئيس الكتلة على قرارات رئيس الوزراء. 3- تشريع قانون للأحزاب يفرض اجراء الانتخابات الدورية لاختيار القيادات داخل الأحزاب من القاعدة إلى القمة وفق الضوابط التالية: تحديد مدة رئاسة الحزب بحيث لا تتجاوز مدة الرئاسات الثلاث، وهو أمر مهم يضمن اعطاء الانتخابات الحزبية مضمونها الحقيقي وعدم ابقائها صورية كما هي عليه الأن. منع وجود فقرات في مناهج الأحزاب ترهن قرار الحزب بموافقة مرجع الحزب أو وليه أو ما شابه ذلك من المسميات التي تتعارض تعارضا كاملا مع العرف الديمقراطي وتؤدي إلى وأده. يجب ان تشمل هذه الاجراءات قوانين المنظمات الغير حكومية والمهنية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني. إن من شأن مثل هذه التشريعات معالجة الامراض التي تم ذكرها في البحث، وهي لا تقل أهمية عن الكوتة النسائية التي وضعت في الدستور للتغلب على المرض الذكوري في بنية المجتمع باعتباره احد الامراض المستعصية فيه. 4- ولابد من ضمان لتنفيذ هذه التشريعات بتقوية السلطة القضائية عن طريق إصدار تشريعات لتفعيل دور الادعاء العام وزيادة صلاحياته ليتمكن من إقامة الدعاوي ضد أي خرق في تطبيقها القوانين. إن دوام العملية السياسية مرهونا بإصلاحها ومنعها من الانحراف باتجاه ديكتاتورية جديدة تعود بنا إلى عهود الظلام, والمظاهرات التي تجري الان هي بمثابة بداية لثورة اصلاحية، وقد قامت المرجعية الدينية بالنجف بتأييدها بالضد من كل السياسيين الذين رفضوها ومنهم اسلاميون وشيعة، ان التأييد الذي حظيت به المظاهرات من لدن المرجعية يوصل رسالة إلى السياسيين مفادها ان المرجعية الأولى هي مرجعية الشعب، وان بقاء السياسي مرهون بتحقيق مطالب الشعب وتوفير الخدمات له، وعلى السياسيين والاحزاب اسقاط المراهنات الاخرى التي عملوا عليها سواء دينية أو طائفية أو اثنية. ان العراق الآن في مفترق طرق، ان لم يتمكن من الاستمرار في ادامة عمليته السياسية فسيواجه مجموعة من الخيارات أحلاها التقسيم، وأمرها العودة إلى الديكتاتورية الدموية، وكلاهما مر، والمرجعية الدينية، ولأول مرة، حذرت من هذا المصير في حال ان لم يتم القيام بالإصلاحات.ان التقسيم، وان انقسم الشعب العراقي بشأنه بين مؤيد ومعارض، ولكن الكثير من المؤيدين له قلقين بشأنه خوفا من تواجد ثلاث ديكتاتوريات متجاورة متصارعة على أرض العراق، كل يعتاش في ظل إحدى الرايات الاقليمية.

التنزيلات

منشور

2017-12-16