ظاهرة البكاء عند الإمام زين العابدين عليه السلام

المؤلفون

  • نرجس كريم خضير جدران الخفاجي

الكلمات المفتاحية:

ظاهرة البكاء عند الإمام زين العابدين عليه السلام

الملخص

بين البكاء والتباكي الهادفين خيط رفيع لا يمكن تجليته الا بفهم الهدف من البكاء أولاً، والتباكي ثانياً، فإذا كان الهدف من البكاء هو تربية النفوس وتجلية الصدأ من عليها جراء زحمة الحياة وقساوة العيش، ومن ثم توجيه البكاء اعلامياً للتأثير على الناس كشكل من اشكال العمل السياسي أو الرسالي الهادف، يأتي هنا ممدوحاً، وهو غير الجزع والضعف والنفاق والرياء الذي له أهداف اخرى، فهو في الدائرة الاولى عاطفة نبيلة يمكن ان تنتزع من الانسان دواعي قسوة القلب وغلظته وشدته، وتحيله اكثر شفافية وسماحه من جهة، وهو عمل تربوي لتوجيه النفوس وتربيتها وتهذيب مشاعرها واحاسيسها من جهة اخرى. وقد عرف الامام زين العابدينa بعبادته وزهده مضافاً إلى علمه الجم، ومن الامور التي تستحق الوقوف عندها في حياة الامام الزاخرة بالعلم والموعظة ظاهرة البكاء وسببها مأساة كربلاء واستشهاد الامام الحسينa واصحابه، وخروج عياله ونسائه سبايا يساقون من بلد إلى بلد، في ثورة الحق على الباطل. فقد تسلم الامام زين العابدين منصب الامامة بعد استشهاد والده مباشرة وكانت الظروف صعبه عصيبة عليه آنذاك، فسلام الله عليه كان عليه اكمال ثورة ابيه الحسين a لتبقى هذه الثورة حية في النفوس ومجالاً تربوياً مهماً يتغذى منه الفرد المحب لأهل البيتd وكان للبكاء الاثر الواضح لبقاء وهج الثورة وبريقها، وممن قام بهذا الدور الامام زين العابدين، إذ كان يرتجي من ذلك ابقاء ذكر الحسينa والإشادة بأسمه وذلك بالاحتفاظ بأي شيء يشير إليه، وبعث ما يؤدي أو يرمز للحسينa من جهة، واظهار الظلامة الكبيرة التي حلت بالحسينa وخير وسيلة لإظهار ذلك كانت البكاء، وهي وسيلة مشروعة ولا تثير السلطة ايضاً لانهم لا يرون فيها غير العاطفة والارتباط الرحمي بين ولد فقد والده واعز اسرته من جهة اخرى، ولكي يكون البكاء مؤثراً لابد ان يكون متميزاً في شكله ومضمونه حتى عد من البكائين الخمسة المعروفين فما وضع طعام بين يديه الا بكى، وما شرب ماء الا وبكى وبقي هكذا اكثر من عشرين عاماً، فبكاء الامام لم يكن عاطفياً وانما ذا مضامين واهداف بعيدة وعميقة، وانعكست هذه الحالة المشجية عنه وكأنه اوقف حياته من اجلها وارتبط كل سلوكه بها. لم يهدف الامام زين العابدين من ظاهرة البكاء ما سلف فقط، بل كان يهدف من ذلك أيضاً اعطاء المفاهيم الصحيحة عن النهضة الحسينية وسببها وما اعقبها من احداث ووضع المقاييس الإسلامية الثابتة من خلال التجربة المباركة لئلا يستغلها بعض المنتفعين، وخوفاً من ان ينحرف فهم البعض في الاستفادة منها، واستلهام الدروس من هذه الواقعة المؤلمة، واستخدام وسائل لنشر الفكر الصحيح منها، الذي يبرهن للامة مكانة وقدسية اهل البيتdوتعكس لهم الصورة الناصعة من متبنياتهم، وشدة التزامهم بالدين ورعايتهم لشؤون المسلمين.

التنزيلات

منشور

2018-03-28