الطبيعة القانونية للمسؤولية عن فعل الغير

الملخص

لا يختلف اثنان أن المسؤولية التقصيرية تعد محورا مهما من محاور اهتمام المشرعين والفقهاء في كل زمان ومكان والسبب في ذلك أن القانون إنما يهتم بتنظيم المصالح المتعارضة للأفراد وهي مصالح تتعارض غالبا في حال حدوث فعل ضار وذلك خلافا للعقد الذي يمكن القول أنه قليلا ما يكون سببا للنزاع.ولئن كانت المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي تنشأ تعارضا في المصالح بين طرفين فإن المسؤولية عن فعل الغير قد تكون مصدرا لنزاع ثلاثي الأطراف بين محدث الفعل الضار والمسؤول والمضرور.ومن خلال التمعن في أحكام المسؤولية عن فعل الغير لفت نظري أمران الأول هو مناط هذه المسؤولية الذي يكون عبارة عن خطأ في التوجيه أو الرقابة أو التربية وهو خطأ لا ينسب للغي، أما الأمر الثاني فهو حكم رجوع المسؤول عن فعل الغير على محدث الفعل الضار في حال قيامه بدفع التعويض.لقد دفعني هذان الأمران إلى التشكيك في المصطلح أو في المضمون فإما أن يكون مصطلح (المسؤولية عن فعل الغير) غير دقيق أو أن هذه الأحكام عبارة عن تناقض مع المسؤولية عن فعل الغير ولذا فقد تابعت شكي لأن الشك هو منبع الحقيقة العلمية.ولأجل التوصل إلى نتيجة مرضية فقد قمت بتقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث مهدت لها بالكلام عن التطور التاريخي للمسؤولية عن فعل الغير وهو تطور مستخلص من تطور المسؤولية المدنية بصورة عامة، إن هذا التمهيد يشكل ركنا مهما في دراسة المسؤولية لأنه سيكشف لنا عن كثير من حقائق تساعدنا على فهم الأحكام القانونية التي عالجت المسؤولية عن فعل الغير.